أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 يناير 2016

ماهي مكاسب المغرب من موت بوتفليقة؟


ماهي مكاسب المغرب من موت بوتفليقة؟

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقةالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة
لم تكن الجلطة الدماغية التي أقعدت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ أبريل 2013 مجرد توصيف لحالة صحية شخصية، بل هو ذات التوصيف الملائم للحالة التي دخلتها الجزائر منذ ذلك الوقت، حيث استشرى العطب العارم في العقل المتحكم متمثلا في الصراع على خلفية من يخلف الرئيس داخل محيط الرئيس وأجهزة الجيش والمخابرات ورجال الأعمال، وتنامت حالات الاحتقان الشعبي، إما على خلفيات إثنية كما في مشاكل القبائل، أو على خلفيات الأزمة العامة التي أججها تبني قانون المالية لسنة 2016، والذي تضمن إجراءات شرسة تعتمد على التقشف والخوصصة بدعوى انهيار أسعار النفط، إضافة إلى احتداد التهديد الإرهابي منذ الهجوم على مؤسسة الغاز بعين أميناس. الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول مآلات الأوضاع في البلد الجار، وتفاعلاتها مع المحيط الإقليمي، حيث ليبيا ماضية في التحول إلى بؤرة إرهابية مهددة للجميع، وحيث المغرب يشكل عقدة الجزائر التاريخية التي يرى العسكر هناك ضرورة دوامها لتكون الشماعة التي يعلقون عليها خيباتهم وفشل سياساتهم.
في الملف التالي إحاطة بمختلف السياقات التي تتضافر في جزائر اليوم، وبصراع الخلافة داخل أروقة الحكم، وما قد يتولد عن ذلك من سيناريوات لمستقبل الرئيس والبلاد على حد سواء.
تعيش الجزائر منذ استقلالها سنة 1962 في حالة حجز تطبع المجتمع والدولة بثلاث سمات: -إحكام قبضة الجيش والمخابرات على كل الدواليب بما في ذلك اختيار الرؤساء وتشكيل الحكومات على خلفية استمرار أطروحة «الثورة»، وشعار «المليون شهيد».
- انغلاق النظام سياسيا مقابل تكبيل مبادرات النخب السياسة والمدنية.
- الاعتماد السيئ لآليات الاقتصاد الموجه، والاكتفاء بعائدات النشاط الريعي في مجال النفط، والنفط وحده. وانطلاقا من ذلك تعيش البلاد بوجهين متناقضين:
جزائر الثراء الفاحش نتيجة ما متعتها به الطبيعة من موارد ترابية وطبيعية ومالية، جزائر البؤس المدقع الذي يكتوي بناره المواطنون عبر بؤس الدخل الفردي، وانسداد آفاق التشغيل، وتنامي ظواهر اليأس. ولذلك كان لابد أن يحدث في يوم ما انفجار البلاد. وهو ما تمثل فعلا في الاحتجاجات الشعبية الغاضبة لسنة 1988، والتي تم على إثرها إجراء إصلاحات سياسية ودستورية أفضت لأول انتخابات فاز بها الإسلاميون. وقد تدخل بعدها الجيش من أجل توقيف المسلسل الانتخابي، وما تلا ذلك من آثار عنف قاس أدخل الجزائر في عشرية دموية امتدت من 1992 إلى 2012.
وتشاء الأقدار أن بوتفليقة الذي هدأ الوضع بتبنيه لسياسة الوفاق الوطني منذ ولايته الأولى (1999)، هو نفسه الذي يعمل اليوم على تفجير هذا الوضع بعد أن دخل مرحلة العجز السريري خلال فترة رئاسته الثالثة سنة 2013، دون أن يجرؤ على وفاق ثان يتنازل بموجبه عن الرئاسة، ويطلق سراح البلاد والعباد.
عوض ذلك أقدم في شتنبر من السنة نفسها، ومباشرة بعد عودته من رحلة العلاج، على إحداث تغيرات في أجهزة الجيش والمخابرات فهمت باعتبارها إجراءات احترازية لما بعد بوتفليقة.
بعد ثلاثة أشهر من ذلك اندلعت أحداث غرداية على خلفية الصراع الاجتماعي ـ الاثني بين أمازيغ المنطقة وعربها، وهو الصراع الممتد إلى اليوم بعد إعلان نشطاء حقوقيين مطالبتهم بالحكم الذاتي لمنطقة القبايل وتشكيل الحكومة المؤقتة. وتأزم الوضع بشكل فاحش حين أعلن «الرئيس المقعد» عن اعتزامه التقدم إلى الانتخابات الرئاسية في أبريل 2014 وسط احتجاجات شعبية، بموازاة تنامي غضب المجتمع السياسي والمدني الذي شكل معارضة غير مسبوقة. كما أن هذا الترشح كان قد أجج نيران التصارع داخل أروقة الجيش والمخابرات التي انقسمت بين مؤيد لبوتفليقة ومعارض له. وقد نجح الجناح الأول باسم «الاستقرار بدل الفوضى» في الدفع ببوتفليقة نحو قصر المرادية من جديد.
في هذا السياق التسلسلي المتأزم ستشهد الجزائر ثلاث وقائع على درجة قصوى في التعبير عن التباسات المرحلة:
ـ الأولى: حادث إطلاق النار في المنتجع الصيفي للرئيس بزيرالدا، ليلة 16 و17 يوليوز الماضي ضمن ما تم التعبير عنه في بعض وسائل الإعلام المحلية بمحاولة اقتحام مسلح للمحيط الرئاسي، الأمر الذي فسر كمحاولة انقلاب، أو على الأقل كتعبير عن التصدع داخل العقل المتحكم. وهو ما أجاب عنه الرئيس (أو من يحكم بدله) بإحداث تغييرات كبرى في تراتبية الجيش والمخابرات مست ثلاثة من أسمى المناصب: قيادات الأمن الرئاسي والأمن الداخلي والأمن الجمهوري.
وقد تطورت هذه التغييرات، في ما بعد، عبر إقالة الجنيرال محمد مدين (المعروف بتوفيق) من مهامه كرئيس لأجهزة المخابرات، واعتقال أكبر رجاله الجنرال حسان (المعروف عبد القادر آيت عرابي) رئيس مصلحة مكافحة الإرهاب بالجيش، وتقديمه إلى المحاكمة 0 بتهمة «إتلاف وثائق عسكرية، وعدم الخضوع للتعليمات»، وإدانته بخمس سنوات سجنا. الأمر الذي دفع بالجنيرال توفيق إلى المطالبة علنا برفع الظلم عن الرجل، وإطلاق سراحه. الموقف نفسه اتخذه الجنيرال خالد نزار (رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع سابقا)، معتبرا «إدانة حسان جريمة».
وبالنسبة إلى من يعرف تعقد الأوضاع في الجزائر، وتداخل السياسة مع الجيش والمخابرات والأمن، فسيرى في ما يحدث بهذا الخصوص خللا كبيرا داخل الكيان المغلق لصانعي القرار، وفتحا لباب جهنم على الجميع.
ـ الواقعة الثانية: إقدام حكومة عبد المالك السلال في شتنبر الماضي، على المصادقة على قانون المالية لسنة 2016 الذي اعتبر، بنظر المعارضة، أخطر ضربة توجه للمواطنين، من خلال تبنيه لسياسة تقشفية سترهق طاقات الجزائري البسيط. وإذا كانت الحكومة قد أقرت بالفعل هذه السياسة على خلفيات انهيار أسعار النفط، وعملها من أجل تطويق الأزمة المالية والاقتصادية المرتقبة، فإن المعارضين قد رأوا في ذلك الدليل الواضح على فشل السياسات المتبعة منذ الاستقلال، والمعتمدة على الريع فقط، إضافة إلى الإقرار باستقالة الدولة عن دورها المجتمعي بإطلاقها مسلسل الخوصصة إذعانا لجشع رجال الأعمال الذين يتربصون الفرصة لشراء الجزائر. وهذا بالضبط ما فجر الصراع الصاخب الذي شهده البرلمان، يوم 22 نونبر الماضي، بين نواب الأحزاب الموالية للحكومة ونواب المعارضة من السياسيين والنقابيين.
ـ أما الواقعة الثالثة فتتمثل في إقدام 19 من الوزراء السابقين والدبلوماسيين والنقابيين والمجاهدين كلويزة حنون، ورشيدة بوجدرة وخالدة التومي... على توجيه رسالة مفتوحة إلى الرئيس بوتفليقة، بتاريخ فاتح نونبر، يطالبونه فيها باستقبالهم لمعرفة ما إذا كان يوافق على ما يتخذ من قرارات باسمه أم لا، ولوضعه في صورة ما يعتبرونه إساءة لإرث الجزائر، ومسا بسيادة البلاد. ومنذ تاريخ توجيه الرسالة لم يجب الرئيس، ولم يستقبل أصحابها. بل على العكس من ذلك انبرى أنصاره في تخوين الموقعين، واعتبارهم يقومون بعملية قذرة في لعبة صراع الخلافة، بل إن عمار السعيداني (أمين عام جبهة التحرير الجزائرية) كان قد اتهم في لقاء حزبي حنون (الأمينة العامة لحزب العمال المعارض، والناطقة باسم الموقعين) بالعمالة إلى «جهات معلومة» (كان يقصد حسب الإعلام الجزائري الجنرال المتقاعد توفيق)، وبالدفع بالجزائر إلى مهاوي المجهول.
ولأن النظام السياسي محكم الإغلاق، ومسكون بعقلية المؤامرة والتشكيك، فإن كل تصرف سياسي بهذا الاتجاه أو ذاك يقرأ على أنه منغرس في لعبة شد الأيدي بين أروقة الحكم، وفي التجاذب بين الانحياز لطرف دون آخر. من هنا تبرز عقدة الخلافة كبؤرة مركزية في فهم كل ما يتخذ من قرارات، سواء في مجال بنيات الجيش والمخابرات (التغييرات وقرارات المتابعة والإحالة على التقاعد)، أو في مجال السياسة الاقتصادية والاجتماعية (قانون المالية مثلا)...
في هذا الإطار نقرأ ما يجري على أنه فقط التفاصيل الظاهرة لما يرتب الأوضاع لاختيار رئيس الجزائر المقبل بعد أن تأكد أن بوتفليقة هو مجرد رئيس صوري، أو لنقل بكلمة أكثر تهذيبا إنه رئيس مؤقت مادام وضعه الصحي سيجعله عاجزا، في جميع الحالات، عن استكمال ولايته الرابعة الممتدة إلى سنة 2019. ولذلك سيتحدد موضوع الخلافة واسم الرئيس القادم وفق معطى مغاير هذه المرة، ذلك أن مصدر القرار الحاسم بهذا الخصوص كان يتم دائما من داخل التوافق بين الجيش والمخابرات، سواء بتعيين الرؤساء أو إزاحتهم. أما اليوم فقد عملت التغييرات التي مست رؤوس الجهازين في شتنبر 2013، وفي يوليوز 2015 على إسقاط هذه المعادلة، وتركيز سلطة القرار في جهاز الأمن المقرب من الرئيس، الأمر الذي دفع بعض المحللين إلى الحديث عن تحول في البلاد من الدولة العسكرية إلى الدولة البوليسية.
السيناريوهات الثلاثة المحتملة
تبرز السيناريوات المحتملة على النحو التالي:
بقاء الرئاسة في المحيط الرئاسي الحالي، وفي هذا الإطار يبرز اسم سعيد بوتفليقة الذي تسند إليه كل قرارات التغييرات في الجيش والمخابرات، والتي يفسرها البعض بالسعي إلى القضاء على الجيل القديم باتجاه خلق نخبة متحكمة جديدة تساعده على تحقيق حلمه بالخلافة.
ومع ذلك فالحظوة التي يتمتع بها حاليا في وجود الرئيس الحالي قد تهتز بمجرد رحيل هذا الأخير، خاصة أنه يلقى معارضة شرسة من طرف مناوئيه في الأجهزة، وكذلك من طرف باقي أفراد المحيط الرئاسي الطامعين هم أيضا في احتلال موقع الرئيس.
بهذا الخصوص يتم تداول اسم أحمد أويحيى رئيس الحكومة السابق، إلى جانب عبد المالك السلال رئيس الحكومة الحالي، وعمار السعيداني أمين عام جبهة التحرير.
السيناريو الثاني الذي يحظى بكثير من الحظوظ في حال سقوط الأول فيتمثل في استدعاء أسماء من الأرشيف تكون غير متورطة في التجاذبات الظاهرة والخفية. يبرز في هذا السياق اسما مولود حمروش وأحمد بن بيتور على سبيل المثال، وهناك من يرشح المفاوض الأممي الأخضر الإبراهيمي.
أما السيناريو الثالث، فيعود إلى مربع العقل المتحكم مرة أخرى وقد يتم ذلك عبر البحث عن صفقة يتم من خلالها استدعاء علي بن فليس (رئيس الحكومة السابق، وزعيم حزب طلائع الحريات) لاستثمار غضبته في الرئاسيات السابقة من أجل امتصاص غضب الشارع، أو يختار الجيش أن يحكم بنفسه من خلال رئيس أركانه أحمد قايد صالح وإن كنا نستبعد هذا الاختيار.
هذه هي السيناريوات الممكنة والمتداولة داخل أروقة السياسة حاليا، والتي تؤكد جميعها أن شأن اختيار الرئيس لا يمكن أن يتم إلا داخل الدهاليز السرية ووفق الصفقات، أما فرضية أن يأتي الرئيس من صناديق الاقتراع فلا شيء يوحي بأن الجزائر مقبلة فعلا على دخول الزمن الديمقراطي، وهو ما يعني أن الجلطة الدماغية التي تعيشها الجزائر قد تعالج فقط بصعقات كهربائية، لكنها لن تعمل، في الشرط القائم، على شفاء الجزائر نهائيا..
«عقدة» المغرب عند سلالة الحكام الجزائريين
الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بنجديد
يؤكد مفكرون كثيرون بأن من مواصفات أنظمة الحكم الديكتاتورية أن قيادييها يسعدون بوجود أعداء على الحدود، وحتى حين لا يكون هناك أعداء يبادرون بخلقهم حتى تبقى فرضية التهديد بالخطر قائمة، وحتى يستمر تأجيج المشاعر القومية التي يتوحد حولها المواطنون، ويعلق بالتالي كل فشل أو انتكاس على الأعداء.
يصدق ذلك بشكل كبير على حكام الجزائر الذين ما أن استفردوا بنظام الحكم عبر التحكم في أجهزته العسكرية والمخابراتية حتى جعلوا المغرب في مرمى النار. وقد دشنوا ذلك، في البداية، بالرفض القاطع لتسوية الحدود المترسبة عن الزمن الاستعماري، وبتعنت قادهم إلى الهزيمة في حرب الرمال، ثم واصلوا عدوانهم بالوقوف إلى اليوم ضد حق المغرب في استرجاع أقاليمه الجنوبية.
ولأن كل الذين تعاقبوا على الحكم منحدرون من نفس السلالة، ولأنهم يعملون بنفس الاستراتيجية، فكل تغيير في سدة الرئاسة لا يحمل عادة أي جديد بخصوص العلاقات مع المغرب، ومع مشروع بناء الاتحاد المغاربي. وتتعزز لدينا هذه الحقيقة اليوم على اعتبار أن الأوضاع العامة هناك تنذر بانفجارات شعبية أشبه بتلك التي هزت البلاد سنة 1988، خاصة مع التغيرات التي مس هرم كل الأجهزة المتحكمة من الأمن الرئاسي إلى الأمن الداخلي والأمن الجمهوري.
إننا إذا استعرضنا السيرة المتعثرة لهذه البلاد، وسير رؤسائها سنجد أن الجزائر الرسمية كانت قريبة منا نسبيا في مرحلتين: الأولى خلال فترة حكم الشادلي بن جديد التي تعتبر أرقى فترات التقارب النسبي، وقد حدث ذلك لا بفضل نروع شخصي للرئيس، ولكن أساسا لطبيعة المرحلة التي فرضت على البلاد شروط الانفتاح داخليا وخارجيا. إنها فترة فتح الحدود بين البلدين، ووضع أسس البناء المغاربي.
أما المرحلة الثانية فمثلتها فترة حكم محمد بوضياف القصيرة (من يناير إلى يونيو 1992)، والمتميزة بإعلانه الحرب على الفساد والقضاء على بؤره ومحاسبة المفسدين، وبتصريحه بإمكانية حل ملف الصحراء المغربية، وبأن قادة البوليساريو هم مجرد مرتزقة. وبدون شك فتلك بعض الأسباب التي أدت إلى اغتياله يوم 29 يونيو 1992. وقد فتح تحقيق في الموضوع لم يصل إلا إلى تأكيد أن الملازم العسكري مبارك بومعرافي الذي أطلق النار على الراحل قد قام بذلك بشكل «معزول». الفترتان هما الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
رئيس واحد يمكن أن يكون في صالح المغرب كما في صالح الجزائر، ويمكن أن يعيد العلاقات بين البلدين إلى جوهرها الأخوي هو ذلك الذي ستكشف عنه انتخابات نزيهة وشفافة. وهو الأمر الذي يبدو بعيد المنال اليوم.
كريم مولاي، ضابط مخابرات جزائري سابق مقيم بفرنسا
موقف حكام الجزائر لن يتغير من قضية الصحراء حتى ما بعد بوتفليقة
يرى كريم مولاي، الضابط السابق (المنشق) بالمخابرات الجزائرية المقيم بفرنسا، أن الوضع الأمني في الجزائر لا تحكمه فقط حيثيات الصراع التقليدي القديم الحديث بين الجناحين المدني والأمني، وهو صراع تذكيه الظروف الاقتصادية الصعبة، والآخذة في التدهور بفعل حجم الفساد، وأيضا بسبب تراجع أسعار المحروقات. واستبعد احتمال أي انقلاب دموي في الوقت الراهن، مشددا على أن موقف حكام الجزائر من قضية الصحراء لن يتغير لأنها بالنسبة لهم قضية أمن قومي.
* ما هي قراءتك لما يجري في الجزائر من حراك سياسي؟
** تعيش الجزائر منذ مطلع العام 2015 تطورات أمنية وسياسية متسارعة، ولا سيما منذ الهجوم الذي استهدف عين أميناس وعملية تحرير الرهائن الغربية، التي خلفت عددا من الضحايا الأجانب، وقد اعتبرتها أطراف غربية تجاوزا للخطوط الحمراء وإساءة بالغة، دفعت المخابرات ثمنها غاليا، بإقالة مديرها الجنرال التوفيق واعتقال ومحاكمة عدد من قياداتها. وقد رافق هذه التطورات الأمنية ضيق في دوائر القرار لتنحسر في جناح الرئيس بوتفليقة ـ القايد صالح، مع استخدام لبعض رموز المؤسسة الأمنية في تصفية جناح المخابرات.
* كيف تقارب الصراع الداخلي في الجزائر، وما هي الأجنحة المتصارعة؟
**يبدو ظاهريا أن جناح المخابرات قد انهزم مرحليا لصالح جناح الرئاسة، لكن الرسالة الأخيرة لمدير المخابرات السابق الجنرال التوفيق، وما رافقها من تأويلات تشير إلى أن جناح المخابرات لم يقبل بالهزيمة، وأن أدواته داخل مؤسسات النظام مازالت تعمل، وهذا يجعل البلاد مفتوحة على كافة السيناريوهات، بالنظر للأدوات التي يمتلكها الطرفان، وأعني بذلك النفوذ بمعناه السياسي والأمني والاقتصادي والإعلامي.
* كيف تنظر كخبير أمني للوضع الجزائري والسيناريوهات المحتملة التي قد ترخي بظلالها على الجزائر؟
** الوضع الأمني في الجزائر، لا تحكمه فقط حيثيات الصراع التقليدي القديم الحديث بين الجناحين المدني والأمني، وهو صراع تذكيه الظروف الاقتصادية الصعبة، والآخذة في التدهور بفعل حجم الفساد، وأيضا بسبب تراجع أسعار المحروقات. ولكن هذا الوضع محكوم أيضا بتطورات إقليمية ودولية. فالجزائر اليوم تعيش وضعا إقليميا صعبا بسبب تدهور علاقاتها مع المغرب وأيضا مع مالي وليبيا وتونس، وهو ما يجعل استقرارها رهين باستقرار الأوضاع في هذه الدول جميعا، ولا سيما الوضع في ليبيا.
* ألا يشي الوضع الحالي باحتمال انقلاب دموي في الجزائر، خصوصا في ظل الرجل المريض؟
** احتمال الانقلاب الدموي، ربما مستبعد في الوقت الراهن، وهناك سيناريوهات متعددة، منها الإعداد لخلافة هادئة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إذا تمكن جناحه المتحالف حاليا مع نائب وزير الدفاع رئيس الأركان قايد صالح من تصفية خصومه في المخابرات. لكنني شخصيا، لست من أنصار الانقلاب قبل وفاة الرئيس بوتفليقة، بل أعتقد بأن أي سيناريو لخلافة بوتفليقة سيكون بعد وفاته.
* هناك في الجزائر تقاطبات؛ قطب يدفع في اتجاه التخلي عن دعم البوليساريو، وبناء الوحدة المغاربية، وقطب يرمي إلى الإبقاء على الوضع كما هو عليه.. برأيك من المستفيد من هذا الصراع الثنائي؟ ومن مصلحتك تعطيل الجزائر وتعطيل البناء المغاربي؟
** لست متأكدا من هذا التقسيم الوارد في السؤال، وعما إذا كان يعبر عن حقيقة، ذلك أن القول بوجود وجهتي نظر متساويتين لدى النخب السياسية الحاكمة في الجزائر في الموقف من جبهة البوليساريو، هذا التقدير قد يكون غير دقيق، إذ أن الجميع يتعامل مع هذا الملف حتى اللحظة باعتباره مسألة أمن قومي، وهو مفهوم يجد معارضو البوليساريو صعوبة في تفنيده حتى الآن.
*كيف تقرأ الجزائر ما بعد بوتفليقة، وما تأثير هذا «المابعد بوتفليقة» على مستقبل البلدين المغرب والجزائر؟
** العلاقات الجزائرية ـ المغربية، للأسف الشديد، لن تشهد تحولا جوهريا في المدى القريب وربما المتوسط، ليس فقط بسبب تباعد وجهتي نظر البلدين بشأن ملف الصحراء، وإنما أيضا بسبب الظروف الأمنية التي تعصف بالمنطقة، والتي تنذر بتحولات كبرى في القادم من السنوات.
* ألا ترى أن موقف الجزائر من قضية الصحراء المغربية، سيظل هو نفسه حتى لو اختلفت الوجوه؟
** كما سبق وأشرت إلى ذلك، الموقف من الصحراء في الجزائر، يبدو قاسما مشتركا بين النخب السياسية الفاعلة في المشهد السياسي الجزائري الراهن، وأستبعد أن يحدث تحول جوهري في هذا الموقف حاليا. لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذا الموقف لن يظل ثابتا، بالنظر إلى التحولات الإقليمية التي تعصف بالمنطقة، وهي تحولات تحكمها أطراف محلية وإقليمية متضاربة التوجهات والمصالح.
المرشحون المحتملون لخلافة بوتفليقة
سعيد بوتفليقة .. الرئيس الفعلي حالياً
يعتبر الرئيس الفعلي، في جزائر اليوم، وقد تم له ذلك فقط بفضل قرابته العائلية مع شقيقه عبد العزيز، فالمعروف أنه بلا ماض كفاحي أو سياسي مميز، وأكبر منجزاته رفقة الرئيس منذ عطبه الصحي الأول سنة 2005، وتواصلت الرفقة خلال الأعطاب اللاحقة، خاصة أثناء الإصابة بالجلطة الدماغية في أبريل 2013.
ومن ذلك الموقع صار الحاسم الأول في إدارة الشأن العام في البلاد، متهما من طرف مناوئيه بالفساد وبشراء النخب، خاصة رجال الأعمال، حيث يتلقى باستمرار كيلا من الانتقادات كان آخرها ما ادعاه الجنرال المتقاعد حسين بن جديد، في حوار إعلامي، حيث اتهم شقيق الرئيس بالتهييء لحكم البلاد، وبسبب ذلك تمت إقالة الجنرال توفيق.
مولود حمروش .. الوجه العريق
من الوجوه العريقة في المشهد السياسي الجزائري. تحسب له مشاركته في حكومة عبد الحميد مهري (زمن الشادلي) التي أطلقت مسلسل الإصلاحات بعد إحداث 1988 من خلال فتح باب التعددية السياسية والإعلامية التي ترتب عنها فيما بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات البلدية.
ترشح للانتخابات الرئاسية سنة 1998، وحصل على نسبة 3 في المائة من مجموع النتائج الرسمية، وكان قد صرح خلال حملة الرئاسيات الأخيرة بأنه لا يريد أن يكون مرشحا معينا، بل يسعى إلى الوصول إلى الرئاسة فقط عن طريق الانتخابات.
أحمد أويحيى .. ظل بوتفليقة
دائم الولاء للرئيس، ومسانده في كل الولايات. ترأس الحكومة لثلاث فترات (من 1995 إلى 1998، ومن 2003 إلى 2006، ومن 2008 إلى 2012). وهذا لم يمنعه من الاستقالة في آخر فترته الثالثة، الأمر الذي يفسر على أنه تنحية في إطار ترتيبات سابقة.
أسس حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يشغل اليوم المكانة الثانية في البرلمان ب 68 نائبا، بعد جبهة التحرير الوطني ذات الأغلبية ب 208 من أصل 462 نائبا.
أحمد بن بيتور .. مرشح الاسلاميين
سبق أن ترأس الحكومة من سنة 1999 إلى 2000 (خلال الولاية الرئاسية الأولى لبوتفليقة). وقد ترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة (2014) مقدما نفسه باعتباره رئيسا توافقيا. وفي هذا الإطار انتقد ترشيح عبد العزيز بوتفليقة للولاية الرابعة، مؤكدا أن «ترشح الرئيس رغم اعتلال صحته دليل كاف على تزوير الانتخابات»، ومضيفا في حوار مع إحدى القنوات التلفزية بأنه «مقتنع بالنضال السلمي لتغيير السلطة». ويوصف في المحافل الإعلامية بأنه مرشح الإسلاميين.
  • أنفاس بريس :  إعداد: عبد المجيد بن الطاهر،العدد 638، الخميس 17 دجنبر 2015

كيف غرق وزراء بنكيران في الفضائح والأنانية وخانوا ثقة الشعب والملك


كيف غرق وزراء بنكيران في الفضائح والأنانية وخانوا ثقة الشعب والملك

كيف غرق وزراء بنكيران في الفضائح والأنانية وخانوا ثقة الشعب والملك
مول البرتوش، مول البزازل، مولات القنانف، مول الشكلاط، مول الكراطة، مولات جوج فرانك، مول التفعفيع.. وزيد وزيد، هؤلاء ليسوا أبطال الجزء الثاني من فيلم «علي زاوا»، الذي يحكي الوجه الخفي لمدينة الدار البيضاء، وقصص بعض مشرديها، بل هي أسماء حقيقية لوزراء حكومتنا الموقرة برئاسة الشاف بنكيران، صاحب اللسان الطويل، فقد أصبح لايمر شهر بل وأحيانا أسبوع حتى يخرج لنا هذا الوزير أو تلك الوزيرة أو هما معا بقصة يتداولها الناس في مجالسهم، بل أصبحت مادة إعلامية في كبريات المؤسسات عبر العالم، حتى أصبح المطلب الشعبي، «بنكيران شد علينا وزراءك، راه شوهونا»، طبعا زلات لسان وزرائنا ليست بدعة عن باقي وزراء الحكومات السابقة أو حتى حتى حكومات باقي الدول منها المتقدمة، لكن هذا لايعني مجاراة الشعبوية و»تطياح النيفو»، فمهما يكن فالحكومة تحتل مكانة مهمة في الدستور، ورئيسها يمثل الرجل الثاني في الهرم الدستوري، مما ينبغي معه أخذ الحيطة والحذر، من أي أسلوب لغوي زنقوي.. وعوض أن نجاري الدول العظمى في ابتداع مفهوم «الديمقراطيون الجدد»، أصبحنا أمام «المهرجين الجدد»..
والخطير في الأمر، أن الوزراء والبرلمانيين بدل أن يحرصوا على تعبئة الشعب لمواجهة المخاطر التي تهدد المغرب (ملف الصحراء مثلا) أو لتعبئتهم لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية تراهم ينشغلون بنقاشات تافهة وساقطة.
عبد العظيم الكروج: عاشق الشوكلاطة
لم يكن عبد العظيم الكروج، الوزير المنتدب المكلف بالتكوين المهني في النسخة السابقة من حكومة بنكيران، تحت الضوء الإعلامي، وكان أنشطته ضمن تسيير قطاع التكوين المهني، تمر بشكل عادي، مادام أنه قبل استوزاره لم يكن شخصية معروفة، لكن صاحبنا الكروج، الذي لم يكن يحدث همسا ولا ركزا، سبب له لسانه الإعفاء من الحكومة في ماي 2015، ليس لأنه استخدم لسانه في إعطاء تصريحات منافية لصفته الحكومية، بل لأنه استعمل هذا العضو الحساس في تذوق أفخر أنواع الشكلاطة.
حيث أقر بأن عائلته اقتنت فعلا كميات الشكلاط المذكورة، محملا مسؤولية الخلط الذي وقع إلى السائق، «لأن المحل التجاري تعامل مع سائقي، ولم يميز بين طلب الوزارة والعائلة»، على حد تعبير الكروج.
وكشف الكروج أن «العائلة قامت في هذه المناسبة بطلب الشكلاط، وكان هناك خلط أحدث لبسا كبيرا عند المحل التجاري»، موضحا «أنه تم رفع هذا اللبس بعد ثلاث أسابيع من الطلب، وذلك عندما سئلت عما إذا كانت الوزارة قد طلبت الحلويات، لأجيب بالنفي قبل أن أتأكد من كون العائلة هي التي طلبت ذلك». الكروج عزا عدم رده المباشر على الاتهام الذي وجه له بالتأكيد على أنه «كان لابد من التريث حتى يكون الجواب بناء على أساس مضبوط، ووقتها لم أكن أتوفر على المعطيات الكافية»، يقول الوزير الذي أشار إلى أنه «كان هناك خطأ لأنني لم أعط أهمية للموضوع».
خطأ عائلي تسبب في إخراج الوزير الشكلاطي من الحكومة، متفرغا لأكل الشكلاطة «على خاطرو»، بعيدا عن أعين المتتبعين التي ترصد كل كبيرة وصغيرة في الشأن الحكومي.
الشوباني وبنخلدون: العشق الممنوع
تبقى قصة الحبيب الشوباني الوزير السابق المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، مع زميلته في الحكومة سومية بنخلدون التي كانت مكلفة بالتعليم العالي، أبرز قصص الحب في تاريخ المغرب المعاصر، ليس لكونهما على حد أغنية «كان يامكان»، لعبد الوهاب الدكالي، عندما مات العاشق وبقيت العشيقة تزور قبره كل صباح يوم جمعة، وإنما لخلفية الوزيرين الحزبية، وانتمائهما لحزب العدالة والتنمية، وكذا لخلفيتهما الاجتماعية، ثم، وهذا هو الأهم أنهما متزوجين واعتبر عشقهما وزواجهما رسالة لتشجيع التعدد في الأزواج، فكلاهما مرتبط على سنة الله ورسوله، قبل أن يقررا معا الارتباط للمرة الثانية، بعد فك الاترتباط الأول، وقد حاول المعنيان بالأمر إخفاء علاقاتهما الغرامية، ونفس الشيء حاول رئيس الحكومة، لكن يبدو أن شعلة الحب، كانت متقدة، لم يستطع معها قلبا الوزيرين من التعبير الصريح فيما بعد عن هذه العلاقة، التي تعد الأولى من نوعها في تاريخ الحكومات المغربية، ليوضع حدا لكل الإشاعات، ويعلنا الارتباط تاركين وراءهم ملفات حكومية وازنة، بعد أن «طلبا إعفائهما»، في ماي 2015، والتفرغ للعشق الممنوع أو الحب الملعون، قصة حب سارت بها الركبان، وأصبحت حديث العام والخاص، عنونت بباب جاء في العلاقة بين شوشو وسوسو، وكيف أن هذه العلاقة كانت تسبب للمنضوين في حزب العدالة والتنمية، حرجا كبيرا في إثارتها، سواء من منطلق التبرؤ منها أو الدفاع عنها، قبل أن يفضل الحبيبان الانتصار لحبهما على البقاء في الحكومة.
بنكيران: ديالي أكبر من ديالك
قفشات بنكيران لاتعد ولا تحصى في مساره الحكومي، فعشية تعيينه صرح بحاجته لحزب الاتحاد الاشتراكي «باش نسخن بيه كتافي»، ضمن المشاورات التي بدأها لتشكيل حكومته، وتلتها تصريحات من قبيل أن الملك محمد السادس معجب بنكاته، وبأنه يستغل وجوده معه لكي يحكي له بعضها، ومن منا لايتذكر كيف تحول رئيس الحكومة من منصبه الدستوري إلى ما يشبه مقدمي برامج مع المواطن في السوق، وهو يستعرض حصيلته، عفوا، وضعية السوق عن طريق أثمان البنان وماطيشة والبطاطا، وقبل ذلك كان التصريح الفصل، عندما اعتبر أن برنامجه الحكومي يرتكز على قاعدة «عفا الله عما سلف»، وهو الذي غرر بالناخبين عندما رفع شعار «إسقاط الفساد والاستبداد»، لتليها تصريحات عبر منابر إعلامية وتشريعية وحكومية وديبلوماسية أقل ما يمكن وصفها، بأنها تفتقد للرصانة والرزانة، ولعل أثقلها في الميزان، هو عندما خاطب البرلمانية ميلودة حازب، رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة، بعبارة «ديالي لي كبير عليك»، اتخذت عدة تأويلات لا أخلاقية ومدلولات جنسية، الأمر الذي دفع بعدد من الفاعلات في الحركة النسائية إلى الإدلاء بتصريحات تستنكر المستوى الذي وصل إليه رئيس الحكومة ووصفت كلامه ب»الكلام الساقط».. تصريحات فتحت الباب لزلات وزارية لاتقل عن تصريحات «شاف الحكومة»..
رشيد بلمختار: لسان موليير
طبعا نحن نتحدث عن رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية في حكومة عبد الإله بنكيران المغربية، التي يعتبر الدستور المنظم للبلاد، اللغة العربية، لغة رسمية، التصريح جاء على خلفية استضافته من قبل قناة «فرانس 24»، تصريح جر على بلمختار، هجوما من قبل الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، مطالبا بإقالته بعد إهانته للنصوص القانونية والرسمية المؤكدة لرسمية اللغة العربية، و»مما زاد الأمر خطورة»، هو صدور ذلك التصريح من وزير «يعتبر نظريا مشرفا على قطاع حساس من قيمة القطاع التربوي المؤسس لهوية البلد التي تعتبر اللغة محمد الوفا: المدير وصاحبتو يبقى محمد الوفا، سواء في وزارته الأولى أو الثانية بعد التعديل الحكومي، النجم الذي ينافس بنكيران في استقطاب قطاع واسع من الجمهور، ليس من باب حسن أداء وظيفته في التربية الوطنية فيما قبل أو مكلفا بالشؤون العامة والحكامة في النسخة الحالية، بل من باب «تمراكشيت ديالو»، فلايكاد يمر افتتاح لنشاط ما أو حضوره لندوة ما أو مروره الإعلامي التلفزيوني أو الإذاعي، حتى يتداول المتتبعون مقاطع من تصريحاته الساقطة.
«واش أنا باقي ما سخنت بلاصتي وانت كتسولني على معايير تعيين مدير ديواني؟»، هكذا أجاب على سؤال ل»الوطن الآن» بعيد تعيينه في حكومة بنكيران، ويمكن الرجوع للأشرطة التي تبين اللحظات الأولى من انعقاد مجالس الحكومة، وكيف أن جل الوزراء لاتبرح أعينهم قفشات الوفا، قبيل الانطلاق الرسمي لهذه اللقاءات. وبغض النظر عن الترتيب الزمني، خرج علينا الوزير المراكشي بتهكم واضح على تلميذة في الصف أمام زملائها، بقوله «علاه أنت باقا تقراي، أنت خاصك غير راجل»،مما عرضه لحملات شرسة من منظمات حقوقية ونقابية، كما اشتهر بقولته «والله يا باباه أوباما معندو بحال هاذ المدارس اللي عندنا»،لكن ثالث الأثافي، هو عندما تحدت عن مدير مؤسسة تعليمية وعلاقته بسكرتيرته، بالقول «المدير وصاحبتو»، جر عليه مجددا استنكارا من قبل المنظمات والهيئات التربوية والنقابية.مكونا رئيسيا لها».
ولم يقف الأمر عند هذا الحد باستصغار اللغة العربية، في عدد من المناسبات واللقاءات، منها محاولة فرنسة بعض المواد العلمية في الثانوي، في الوقت الذي تدرس في الكليات باللغة العربية، ويبقى أهم استصغار له هو عندما كانت إحدى المستشارات البرلمانيات تعقب على تدخله، وكان مشغولا بتصفح هاتفه النقال..
واعتبرت الكثير من التعليقات في المواقع الاجتماعية أن هذا الأمر لا يعدو أن يكون جزء ومظهرا من مظاهر الإهمال الذي يعيش على إيقاعه هذا القطاع، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل انسحب بلمختار في الوقت الذي كانت فيه مزيد من الأسئلة مبرمجة ضمن جلسة منتصف نونبر 2015، مما اعتبر معه، «إهانة لأسرة التعليم وكذا للمستشارين وللغرفة الثانية للبرلمان».
بسيمة الحقاوي: مضخة صكوك الغفران
مهما قيل عن بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والمرأة والتضامن والتنمية الاجتماعية، كونها امرأة هادئة ورزينة، فيبدو أن عدوى بنكيران طالتها، عندما اتهمت سعيد الكحل الباحث في الحركات الإسلامية، في برنامج «مباشرة معكم» سنة 2012، بعبارة «لست متدينا»، عبارة لقيت استنكارا من المعني بالأمر في برنامج مباشر على الهواء، وعوض أن تعتذر الوزيرة عن تصريحها وتسكت، استدركت بالقول أنها تقصد بأنه لاينتمي للتيار الديني، وكأن التدين محصور على المنتمين للحركات التي تتخذ الدين الإسلامي أرضية للاشتغال الحزبي والجمعوي، تصريح جر عليها استنكارا واسعا من قبل نشطاء المواقع الاجتماعية، سخروا منها وطالبوا بإضافة وظيفة «مكلفة بتوزيع الشهادات الدينية»، جعل من سعيد الكحل يعتبر أن «ما فاهت به السيدة الوزيرة هو اتهام صريح لي بالكفر، لأن عبارة «غير متدين» التي قالتها في حقي لها معنى واحد، هو الكافر، لأن الكافر هو الذي لا دين له».
محمد مبديع: اللاهث وراء روبي
كادت تصريحات محمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث القطاعات العامة، أن تسبب أزمة ديبوماسية بين روما والرباط عندما صرح في يناير 2014، بأنه وقع شهادة ميلاد كريمة محروق المعروفة بروبي، وأنها لم تكن حينها قاصر، حينما افتضح أمر علاقتها برئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو بيرلسكوني، إذ كان مسؤولا بالمجلس الجماعي بالفقيه بنصالح، حينما ولدت روبي سنة 1992، يعني أنها لم تكن قاصرة حين مارس معها برلسكوني الجنس.
وأكد الوزير أنه لا يعرف الوقت «اش غادي تجيب من فضائح مماثلة لبرلسكوني». ولأن اليمين الإيطالي الذي ينتمي إليه برلسكوني اعتبر محاكمة زعيمه مؤامرة من قضاة يساريين، واحتج بتصريحات الوزير مبديع كون «روبي»، لم تكن قاصرة حين كانت تلتقي ببرلسكوني، فإن وزيرنا ورئيس بلدية الفقيه بنصالح سابقا، تدخل مرة ثانية في هذا الموضوع، بتصريح مناقض للسابق، حينما أكد ل»راديو راي2» الإيطالية بأنه لا يعرف تاريخ ازدياد «روبي» ولا يعرفها شخصيا، «كما لا أعلم متى التقت برلسكوني، لذلك، لا أعلم إن كانت قاصرا أم راشدة». وعلّقت جريدة «لاريبوبليكا»، واسعة الانتشار على تراجع الوزير عن تصريحاته بقولها إن: «(الوزير) ربما تخوف من ردود الفعل الداخلية المحتملة (من الملك والحكومة)، فقام بخطوة سريعة إلى الوراء..»
محمد أوزين: مول الكراطة
إذا كانت ألسنة وزراء بنكيران هي التي تجر عليهم الانتقاد، فإن محمد أوزين، الوزير السابق في الشباب والرياضة، أنهى مشواره الحكومي، بكراطة وسطل، فطيلة خمسة أشهر لم تهدأ الانتقادات تلو الأخرى، التي وثقها البث المباشر بالصوت والصورة، لحالة ملعب الأمير مولاي عبد الله، في دجنبر 2014، عندما أصبح بفعل التساقطات المطرية بركة مائية، في عز ملتقى دولي لكرة القدم، وتحت أعين وأنظار إعلاميي العالم، وعوض اتخاذ الترتيبات اللازمة، كان الحل هو الإتيان بالكراطات والسطولا «لتجفيف» عشب ملعب ابتلع ميزانية ضخمة ليكون في مستوى التطلعات الرياضية وترويج الصورة المغربية. أخذت فضيحة الكراطة والسطل بعدا إعلاميا وسياسيا كبيرا، جعل الملك محمد السادس يأمر بإجراء تحقيق في الموضوع، خلص إلى أن خروقات شابت عمليات الإصلاح التي استمرت لأشهر طويلة، اضطر معه إلى توقيف مهام أوزين عن تدبير الشأن الوزاري قبل أن تطاله موجة الإعفاء التام في ماي 2015، ورغم الخرجات غير المحسوبة لمحمد أوزين في غمرة هذه الفضيحة، من خلال محاولة التهرب من المسؤولية والتشبت بشماعة المؤامرة الإعلامية والسياسية، فإن لسانه لم يتوقف وهو بعيد عن التدبير الوزاري، حيث تم تسريب كلام ساقط له متوعدا مافسيه في انتخابات شتنبر 2015، بأنه غادي «يفرعهم»..
مصطفى الخلفي: c’est clair, je suis clair
في ثواني معدودة، أعاد مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة، كلمة «سي كلير»، أربع مرات، وهو يجيب أو بالأخرى يتهرب من أسئلة صحافي فرنسي على إحدى القنوات الفرنسية، في فبراير 2015، حتى أطلق عليه «وزير سي كلير»، وبدا الخلفي محرجا وهو يتلقى وابلا من الأسئلة من صحافي راديو «أوربا 1»، حول الأزمة المغربية الفرنسية، وأيضا بسبب “فرنسيته الضعيفة” التي صعبت عليه التفاعل والرد بسلاسة على الأسئلة، وجعلته يركن إلى الصمت في لحظات معينة.
أجوبة الوزير الخلفي لم تقنع الصحافي الفرنسي، إذ أصر على أعادة طرح أسئلته بصيغ أخرى، إلا أن هذا الوزير رد عليه قائلا “كلامي واضح”، الشيء الذي دفع المحاور إلى القول «ألا تريد الجواب؟»، إلا أن الخلفي ظل متشبثا برأيه بأن كلامه واضح.
ودعا الصحافي الفرنسي، الوزير مُصطفى الخلفي في بداية حوارهما إلى تجنب “لغة الخشب” قائلا “ننتظر منكم الليلة الحقيقة وليس كلاما رسميا”، ليرد عليه الخلفي ضاحكا «سنحاول». ولكن يبدو أنها كانت محاولة فاشلة شكلا ومضمونا.
وقد تحولت الحلقة إلى موضوع سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ظهر وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، بمستوى غير مقنع، عجز عن مجاراة الصحافي في الرد عليه بجمل مفيدة بلغة موليير للدفاع عن موقف المغرب في قضية حساسة.
صلاح الدين مزوار: وزير «تفعفيع»
فتح صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية الباب واسعا للنحويين وأساتذة اللغة العربية من أجل البحث في كلمة «التفعفيع»، الواردة في جواب الوزير، وهو يتحدث عن إقناعه لوزيرة الخارجية السويدية، بشأن موضوع الصحراء، مضيفا أنه بعد «تفعفيعها، تهزات»، مما شكل صعوبة لدى خبراء اللغة في تفسير استعمال هذين المصطلحين كلغة معتمدة في الديبلوماسية، كان ذلك في شهر أكتوبر الماضي، ليحسب للوزير إدخال «مصطلحات ديبلوماسية وازنة»، تفعفيع الوزير وهزان الوزيرة، لم يمر بشكل هادئ، بل أحدث موجة من السخرية في المواقع الاجتماعية، صورة وصوتا وكاريكاتيرا، جعلت البعض يرشحه لرجل السنة في التفعفيع. والى جانب تفعفيع مزوار، فإن زميلته في ذات الوزارة، امباركة بوعيدا، أعطت حقها في اللغة الديبلوماسية، من حيث تصريحها تحت قبة البرلمان وفي جلسة على الهواء في الأسبوع الأخير من شهر دجنبر 2015، بأن «المغرب لن يبقى مربع اليدين أمام استفزازات خصومه».
متتبعون رأوا أن بمثل هذه الخرجات، مهما كان الخصم أعجميا،»تبين كيف لا يتمكن المغرب من الدفاع عن قضاياه، بل، نموذج آخر من الأشياء التي تجعل الآخر ينظر إلينا بريبة وشك، ويعطي للآخر المتربص فرصة محاولة سحب البساط.
إنه التفعفيع ياسادة! ذاك الذي يخلق للبلد متاعب هو في غنى عنها وبالإمكان تفاديها بشئ من العقل والمأسسة لا غير».
حكيمة الحيطي: السخانة و22 ساعة
لايعرف بالضبط هل شفتي الوزيرة من خلق الرحمان أم بتدخل الإنسان، لكن ما هو متأكد أن شفتيها تساهمان بشكل كبير في الزلات، حيث يسجل التاريخ الحكومي سبقا لحكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، في العديد من المحطات، مما جعلها موضوع سخرية من قبل المتتبعين، ومن بينها، ردها على أحد الزملاء الصحافيين على هامش مناظرة وطنية حول البيئة، طلب منها تصريحا باللغة العربية «هل يجب أن أجيب باللغة العربية؟ واخا ولو أن الحديث بالعربية كيدير لي السخانة». ولاتعرف الوزيرة الحيطي، فقط بتصريحاتها التي تكون مثار سخرية، بل أيضا بعدم ضبطها لمجال اشتغالها، ولعل هذا ما جعل مسؤولية التصريحات الإعلامية، تسحب منها في قمة المناخ الدولية التي احتضنتها باريس مؤخرا، وتمنح لوزير الخارجية.
أما قمة التصريحات من الوزيرة ذاتها، فهي قولها بأنها تشتغل 22 ساعة في اليوم، محطمة الرقم القياسي في العمل البشري، وهو التصريح الذي مازال يثير سخرية رواد المواقع الاجتماعية.
عبد السلام الصديقي: سرّاح بنادم
على إثر التصريحات الواردة في الحلقة الأخيرة من برنامج «في قفص الاتهام» يتقدم عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، باعتذاره عن أية تصريحات خارجة عن سياقها تسببت في الإساءة لمشاعر المواطنات والمواطنين»، هكذا اعتذر الصديقي عن تصريحاته الإذاعية حينما ذكر بأنه في فترة طفولته كان يرعى الغنم في قريته، وأضاف «دابا كنسرح بنادم»، تصريحات استأثرت بجزء كبير من اهتمام المتتبعين، وأخذت بعدا سياسيا، حينما تدخل قياديو حزب التقدم والاشتراكية، معتبرين أن تصريحات الرفيق الصديقي أخرجت من سياقها، وبأن «المقصود من كلامه، رعاية أبنائه، بحكم أنه المسؤول عن تربيتهم، معتبرين أن تأويل كلامه مجرد مغالطات أريد منها باطل» وأضاف الوزير نفسه في تصريحات إعلامية استدراكية، أن «العارفين به يعلمون علم اليقين عفويته في الكلام، ومرحه، وهو ما كان مطلوبا منه في اللقاء الإذاعي ذاته»، و في الوقت نفسه أكد الوزير على أن منصبه الحكومي، «لا يخول له التلفظ بكلام جارح أو مسيء لأي كان».
عبد القادر عمارة: وزير البرتوش
إذا كانت من خلفية تحكم هذه الزلات لأعضاء الحكومة، فهي الخلفية الوزارية، حيث حطمت وزارة الطاقة والمعادن من وزيرها عبد القادر اعمارة إلى الوزيرتين المنتدبتين في ذات الوزارة، وكان اعمارة سباقا عندما قرر تجهيز إحدى غرف وزارته بدوش وسرير، سرير، أصبح حديث المجالس العامة والخاصة، بين من يعتبره حقا مشروعا للوزير، في أخذ قسط من الراحة، وبين من يعتبره نموذجا للاستهتار الحكومي، وكأن الحكومة أنهت مل ملفاتها المطروحة لكي يخصص الوزير لنفسه سريرا ودوش، لينال الوزير اعمارة عن جدارة واستحقاق وزير «البرتوش».
شرفات افيلال : وزيرة «جوج فرنك»
لم تهدأ بعد العاصفة الإعلامية والاجتماعية التي خلفها تصريح شرفات أفيلال، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء، عندما صرحت بأن البرلماني أو الوزير لايتبقى لهما من راتبهما إلا «جوج فرانك»، وهي تناقش قضية معاشات البرلمانيين، فأبدع رواد المواقع الاجتماعية في السخرية من زلة لسان الوزيرة، ومادة دسمة لوسائل الإعلام الوطنية والدولية. ورغم تقديم الوزيرة لاعتذراها من هذا المصطلح، فإن راهنية وملحاحية موضوع إلغاء معاشات البرلمانيين، جعل تصريحها يؤطر تحركات الرافعين لهذا المطلب، وهو الموضوع الذي مازال يغري بالتتبع الإعلامي.
  • أنفاس بريس :  أعد الغلاف : منير الكتاوي، العدد 640، الخميس 31 دجنبر015 2

شرطة هولندا تهرب عمدة روتردام المغربي الأصل من مطعم لهذا السبب


شرطة هولندا تهرب عمدة روتردام المغربي الأصل من مطعم لهذا السبب

عمدة روتردام أحمد أبو طالبعمدة روتردام أحمد أبو طالب
في روتردام الهولنديةً، تدخل البوليس لنقل عمدة المدينة أحمد أبو طالب على وجه السرعة من مطعم كان يتناول فيه وجبته، بعدما اكتشفت الشرطة وجود سيارة بترقيم بلجيكي بمكان ليس بعيد عن المطعم بروتردام .
ومن جهة أخرى نشرت الوكالة الأورو-متوسطية نبأ يتعلق بالاتفاق المتوصل إليه من طرف دول الاتحاد الأوروبي الداعي إلى تشديد المراقبة وإغلاق الحدود بين الدول الأوروبية ومنع تسلل الجهاديين الشباب الذين شاركوا في المعارك بكل من سوريا والعراق .
الاتفاق تم التوصل إليه والتوقيع عليه في اجتماعات وزراء أوروبا المكلفين بمحاربة الإرهاب في اجتماعهم اليوم بمقر المجلس الأوروبي ببروكسيل، بناء على طلب تقدمت به الداخلية الفرنسية بعد الهجمات التي هزت العاصمة الفرنسية.
وقد استجابت الدول الأوروبية للطلب الفرنسي الداعية إلى مزيد من التنسيق الأمني في القارة بهدف تعقب الإرهابيين من جهة، ومنع تكرار عمليات وهجمات في أوروبا التي تعيش حالة من الذعر والخوف الذي يهيمن على دول وشعوب الاتحاد من جهة أخرى.
وقد لوحظ منذ أحداث باريس، خضوع كل المؤسسات العمومية والمباني الحكومية وأماكن النقل العمومي من مطارات وًمحطات القطارات إلى مراقبة أمنية وًعسكرية دقيقة.
  • أنفاس بريس :  نور الدين العمراني